لم يلبث ​المجلس العدلي​ أن أصدر حكمه بحق القاتل ​حبيب الشرتوني​ المتهم بإغتيال رئيس الجمهورية الأسبق ​بشير الجميل​، حتى بدأ التراشق الكلامي بين مختلف الجهات اللبنانية حول هذا الملف وآخرها بين "​حزب الله​" و"​القوات اللبنانية​"، فماذا بعد هذا الكلام؟!.

بالأمس تطرق نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ ​نعيم قاسم​ الى مسألة الحكم على حبيب الشرتوني واغتيال بشير الجميل ورأى أنّ تبرير التعامل مع العدوّ في حقبةٍ زمنية معيّنة لا يُبرّئ العميلَ ليأتي الردّ القواتي قاسياً على لسان رئيس جهاز التنشئة السياسية في الحزب ​شربل عيد​، ويقول "نعيم قاسم أنتَ تتهِم بشير بالعمالة وكأنّك ترقص على قبرِه، وها أنا أتمنّى لك الموتَ قتلاً لأرقصَ على قبرك". في هذا السياق رأى الكاتب والمحلل السياسي ​جوني منير​ عبر "النشرة" أن "لا عمق سياسي للسجال بين "حزب الله" و"القوات"، فموقف "حزب الله" في هذا الشأن مبدئي، في حين أنه لا يمكن وضع ردّة فعل "القوات" الا في خانة السجال الإنتخابي"، هذا ما يؤكده بدوره الكاتب والمحلل السياسي ​غالب قنديل​، ليذهب أبعد من ذلك معتبراً أن "في كلام القوات اللبنانية محاولة ردّ اعتبار لمفهوم العلاقة مع ​اسرائيل​، في حين أن ما ارتكبه المجلس العدلي من وجهة نظر المعترضين فيه ظلم بحق الشرتوني".

السجال حول الحكم بحق الشرتوني يعود الى الإختلاف حول قراءة التاريخ والظروف التي كانت آنذاك خصوصاً فيما خص العلاقة مع اسرائيل. هنا يرى منير أنه "يجب مراجعة واقع ​الحرب اللبنانية​ يومها قبل اتهام الجميل بالعمالة، فالعلاقة مع اسرائيل كانت من باب محاولة انقاذ الناس والذات". أما قنديل فيعتبر أن "هناك حقائق مختلف على قراءتها، فإذا اعتبرنا ان الظروف فرضت على الجميل العلاقة مع اسرائيل، فلماذا لم يحذُ العميد ريمون ادة حينها حذوه بل وقف في وجه اسرائيل في وقت اختار بشير الجميل العلاقة معها تحت الرعاية الاميركية، هنا لا يمكن القول سوى أن هناك أشخاص أخذوا مواقف وطنية فيما هناك آخرين لجأوا الى خيارات أخرى".

يشير قنديل الى أن "الشراكة الوطنية ستبقى عرضة للاهتزاز طالما أن هناك اختلاف في القراءة المشتركة للتاريخ القريب وليس البعيد"، متسائلا في نفس الوقت "لماذا اتخذ المجلس العدلي هذا القرار دون العودة في مراجعاته الى الحقبة السابقة والى كيفية انتخاب النواب للجميل، فهل انتخبوه بكامل ارادتهم أم احضروا تحت وقع الدبابات، اذا اردنا اعتبار ان الشرتوني قاتل رئيس جمهورية سابق ولهذا السبب حوكم"؟!. في حين يرى منيّر أن "الحكم صدر في قضية بشير الجميل لأن ​ميشال عون​ رئيس للجمهورية حالياً، والمجلس العدلي لم يكن يستطيع اتخاذ هكذا قرار سابقاً دون أن تكون له حساباته كالانتقام من ​القضاة​ أو ما شابه وهذا ما لن يسمح الرئيس عون أن يحصل في عهده".

واذا كان الحكم في قضية اغتيال بشير الجميل قد صدر بعد خمسة وثلاثين عاماً من حصول الجريمة فإن لهذا الأمر تأثيره ربما على العلاقة مع "​التيار الوطني الحر​" كونه صدر في عهد الرئيس عون و​الحزب القومي​ السوري نظرا لانتماء حبيب الشرتوني اليه. هنا يشير منير الى أن "​القومي السوري​ قد يتخذ من هذا القرار ذريعة في حال أراد عدم التحالف مع "التيار" في الانتخابات، إلا أن الرئيس عون يتعامل مع المسألة بشكل مختلف، فهو يريد أن يُطوى ملف إغتيال بشير الجميل في عهده نظرًا للعلاقة التي كانت تربطه بالأخير".

رغم كل الكلام، فإنّ المجلس العدلي اصدر حكمه الغيابي بحق المجرم والقاتل حبيب الشرتوني الّذي نفذ جريمته ليس بحقّ بشير الجميّل فقط إنّما بوجود أناس أبرياء أيضًا، ويبقى للأيام المقبلة أن تظهر إذا كانت ستترك تداعيات على الساحة السياسية!.